الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ }

قوله تعالى: { أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ } وقرأ أبو عبد الرحمن السلمِيّ وقتادة وأبو زيد عن يعقوب «نَهْدِ لَهُمْ» بالنون فهذه قراءة بيّنة. النحاس: وبالياء فيها إشكال لأنه يقال: الفعل لا يخلو من فاعل، فأين الفاعل لـ«ـيهد»؟ فتكلم النحويون في هذا فقال الفراء: «كَمْ» في موضع رفع بـ«ـيهْدِ». وهذا نقض لأصول النحوييّن في قولهم: إن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ولا في «كَمْ» بوجهٍ أعني ما قبلها. ومذهب أبي العباس أن «يهْدِ» يدلّ على الهُدَى والمعنى أولم يَهْد لهم الهدى. وقيل: المعنى أولم يهد الله لهم فيكون معنى الياء والنون واحداً أي أولم نُبَيّن لهم إهلاكنا القرون الكافرة من قبلهم. وقال الزجاج: «كَمْ» في موضع نصب بـ«ـأَهْلَكْنَا». { لِرَجُلٍ } يحتمل الضمير في «يَمْشُونَ» أن يعود على الماشين في مساكن المهلكين أي وهؤلاء يمشون ولا يعتبرون. ويحتمل أن يعود على المهلَكين فيكون حالاً والمعنى: أهلكناهم ماشين في مساكنهم. { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ } آيات الله وعظاته فيتعظون.