الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

قوله تعالى: { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ } قال الحسن وأبو العالية والضحاك وأبَيّ بن كعب وإبراهيم النَّخَعِيّ: العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها مما يُبْتَلَى به العبيد حتى يتوبوا وقاله ابن عباس. وعنه أيضاً أنه الحدود. وقال ابن مسعود والحسين بن عليّ وعبد الله بن الحارث: هو القتل بالسيف يوم بدر. وقال مقاتل: الجوع سبع سنين بمكة حتى أكلوا الجِيف وقاله مجاهد. وعنه أيضاً: العذاب الأدنى عذاب القبر وقاله البراء بن عازب. قالوا: والأكبر عذاب يوم القيامة. قال القشيريّ: وقيل عذاب القبر. وفيه نظر لقوله: { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }. قال: ومن حمل العذاب على القتل قال: { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أي يرجع من بقي منهم. ولا خلاف أن العذاب الأكبر عذابُ جهنم إلا ما روي عن جعفر بن محمد أنه خروج المهدي بالسيف. والأدنى غلاء السعر. وقد قيل: إن معنى قوله: { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } على قول مجاهد والبراء: أي لعلهم يريدون الرجوع ويطلبونه كقوله:فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً } [السجدة: 12]. وسُمِّيت إرادة الرجوع رجوعاً كما سُمّيت إرادة القيام قياماً في قوله تعالى:إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ } [المائدة: 6]. ويدلّ عليه قراءة من قرأ: «يُرْجَعُون» على البناء للمفعول ذكره الزمخشري.