الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ ٱلْقِيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ }

قوله تعالى: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينَ ٱلْقِيِّمِ } قال الزجاج: أي أقم قصدك، واجعل جهتك اتباع الدّين القيم يعني الإسلام. وقيل: المعنى أوضح الحق وبالغ في الإعذار، واشتغل بما أنت فيه ولا تحزن عليهم. { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ } أي لا يردّه الله عنهم، فإذا لم يردّه لم يتهيأ لأحد دفعه. ويجوز عند غير سيبويه «لاَ مَرَدٌّ لَهُ» وذلك عند سيبويه بعيد، إلا أن يكون في الكلام عطف. والمراد يوم القيامة. { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } قال ابن عباس: معناه يتفرّقون. وقال الشاعر:
وكنّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمةَ حِقْبَةً   من الدهر حتى قِيل لن يَتَصدّعا
أي لن يتفرقا نظيره قوله تعالى: { يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } «فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ». والأصل يتصدّعون ويقال: تصدّع القوم إذا تفرّقوا ومنه اشتق الصداع، لأنه يفرق شُعب الرأس.