الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }

قوله تعالى { ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ } معناه لأجل إخوانهم، وهم الشهداء المقتولون من الخَزْرَج وهم إخوة نسب ومجاورة، لا إخوة الدِّين. أي قالوا لهؤلاء الشهداء: لو قعدوا، أي بالمدينة ما قتِلوا. وقيل: قال عبد الله بن أبيّ وأصحابُه لإخوانهم، أي لأشكالهم من المنافقين: لو أطاعونا، هؤلاء الذين قُتِلوا، لمَا قتِلوا. وقوله: { لَوْ أَطَاعُونَا } يريد في ألاّ يخرجوا إلى قريش. وقوله: { وَقَعَدُواْ } أي قالوا هذا القول وقعدوا بأنفسهم عن الجهاد فردّ الله عليهم بقوله: { قُلْ فَادْرَءُوا } أي قل لهم يا محمد: إن صدقتم فادفعوا الموت عن أنفسكم. والدَّرْء الدفعُ. بيّن بهذا أن الحَذَر لا ينفع من القَدَر، وأن المقتولَ يقتل بأجله، وما عَلِم الله وأخبر به كائنٌ لا محالَة. وقيل: مات يومَ قيل هذا، سبعون منافقاً. وقال أبو الليث السَّمْرَقَنْدِيّ: سمعت بعض المفسّرين بسَمْرَقَنْد يقول: لما نزلت الآية { قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ } مات يومئذ سبعون نفساً من المنافقين.