الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ }

هذا تسلية من الله تعالى للمؤمنين، والسُّنَن جمع سُنَّة وهي الطريق المستقيم. وفلان على السنة أي على طريق الاسْتِوَاء لا يَميل إلى شيء من الأَهْواء، قال الهذلِيّ:
فلا تَجْزَعَن مِنْ سُنَّة أنت سِرْتَها   فأوّلُ راضٍ سُنَّةً مَن يَسيرها
والسنة: الإمام المتّبع المؤتَمُّ به، يقال: سنّ فلانٌ سنة حسنة وسيئةً إذا عمل عملاً اقتُدِي به فيه من خيرٍ أو شر، قال لبيد:
مِن مَعشرٍ سَنَّت لهم آباؤهم   ولكلِّ قومٍ سنةٌ وإمامُها
والسنة الأُمّة، والسنن الأُمَمُ عن المفضل. وأنشد:
ما عايَنَ الناسُ من فَضْلٍ كفضلِهم   ولا رَأُوا مِثَلهم في سالِفِ السُّننِ
وقال الزجاج: والمعنى أهل سنن، فحذف المضاف. وقال أبو زيد: أمثال. عطاء: شرائع. مجاهد: المعنى { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ } يعني بالهلاك فيمن كذّب قبلكم كعادِ وثمود. والعاقبة: آخر الأمر، وهذا في يوم أُحد. يقول فأنا أمهلهم وأمْلِي لهم وأستَدْرجهُم حتى يبلغ الكتاب أجله، يعني بنصرة النبيّ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وهلاك أعدائهم الكافرين.