الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ }

فيه مسألة واحدة: روى البخاري عن مُرة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حقّ تقاته أن يطاع فلا يُعصَى وأن يُذكَر فلا يُنْسى وأن يُشكر فلا يُكفر " وقال ٱبن عباس: هو ألاّ يُعصَى طَرْفة عَيْن. وذكر المفسرون أنه لما نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، من يَقْوى على هذا؟ وشق عليهم فأنزل الله عز وجلفَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } [التغابن: 16] فنسخت هذه الآيةَ عن قَتادة والرّبيع وٱبن زيد. قال مقاتل: وليس في آل عمران من المنسوخ شيء إلا هذه الآية. وقيل: إن قوله { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } بيانٌ لهذه الآية. والمعنى: فاتّقوا الله حق تُقاته ما ٱستطعتم، وهذا أصوب لأن النسخ إنما يكون عند عدم الجمع والجمع ممكن فهو أوْلىَ. وقد روى علي بن أبي طلحة عن ٱبن عباس قال: قول الله عز وجليٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } [آل عمران: 102] لم تُنسخ، ولكن «حقّ تُقاته» أن يُجاهد في سبيل الله حق جهاده، ولا تأخذكم في الله لَوْمةُ لائم، وتقوموا بالقسط ولو على أنفسكم وأبنائكم. قال النحاس: وكلما ذكر في الآية واجبٌ على المسلمين أن يستعملوه ولا يقع فيه نسخ. وقد مضى في البقرة معنى قوله تعالى: { وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ }.