الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ }

معناه بَيِّنٌ، أي لن تدفع عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئاً. وقرأ السُّلَميّ «لَنْ يُغْنِيَ» بالياء لتقدّم الفعل ودخول الحائل بين الاسم والفعل. وقرأ الحسن «يُغْنِي» بالياء وسكون الياء الآخرة للتخفيف كقول الشاعر:
كفَى بالْيَأْسِ من أسماء كَافِي   وليس لِسُقْمِها إذ طال شافى
وكان حقّه أن يقول كافياً، فأرسل الياء. وأنشد الفرّاء في مثله:
كأنّ أيدِيهِنّ بالقاعِ القرِق   أيدِي جَوَارٍ يَتَعاطَيْن الوَرِق
القَرِقُ والقَرِقَة لغتان في القاع. و { من } في قوله { مِن اللَّهِ } بمعنى عند قاله أبو عبيدة. { وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ٱلنَّارِ } والوَقُود ٱسم للحطب، وقد تقدّم في «البقرة». وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مُصَرِّف «وُقُود» بضم الواو على حذف مضاف تقديره حطب وقود النار. ويجوز في العربية إذا ضم الواو أن تقول أُقُود مثل أُقِّتَتْ. والوُقود بضم الواو المصدر وُقِدَت النار تقِد إذا ٱشتعلت. وخرّج ٱبن المبارك من حديث العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «يظهر هذا الدين حتى يجاوز البحار وحتى تخاض البحار بالخيل في سبيل الله تبارك وتعالى ثم يأتي أقوام يقرءون القرآن فإذا قرءوه قالوا مَنْ أقْرَأُ منا؟ من أعْلَمُ منا؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال: هل ترون في أُولئكم من خير»؟ قالوا لا. قال: «أُولئك منكم وأُولئك من هذه الأُمّة وأُولئك هم وقود النار» ".