الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ }

قوله تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً } قال عبد الرحمن بن زيد: هي مكة وهم قريش أَمَّنهم الله تعالى فيها. { وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ } قال الضحاك: يقتل بعضهم بعضاً ويَسبي بعضهم بعضاً. والخطف الأخذ بسرعة. وقد مضى في «القصص» وغيرها. فأذكرهم الله عز وجل هذه النعمة ليذعنوا له بالطاعة. أي جعلتُ لهم حرماً آمناً أمنوا فيه من السَّبي والغارة والقتل، وخلّصتهم في البر كما خلصتهم في البحر، فصاروا يشركون في البر ولا يشركون في البحر. فهذا تعجب من تناقض أحوالهم. { أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ } قال قتادة: أفبالشرك. وقال يحيـى بن سلاّم: أفبإبليس. { وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ } قال ابن عباس: أفبعافية الله. وقال ابن شجرة: أفبعطاء الله وإحسانه. وقال ابن سلاّم: أفبما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى. وحكى النقاش: أفبإطعامهم من جوع، وأمنهم من خوف يكفرون. وهذا تعجب وإنكار خرج مخرج الاستفهام. قوله تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } أي لا أحد أظلم ممن جعل مع الله شريكاً وولداً، وإذا فعل فاحشة قال:وَجَدْنَا عَلَيْهَآ آبَاءَنَا وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } [الأعراف: 28]. { أَوْ كَذَّبَ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُ } قال يحيـى بن سلاّم: بالقرآن. وقال السّديّ: بالتوحيد. وقال ابن شجرة: بمحمد صلى الله عليه وسلم. وكل قول يتناول القولين. { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ } أي مستقر. وهو استفهام تقرير.