الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ }

قوله تعالى: { فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ } يعني السفن وخافوا الغرق { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } أي صادقين في نياتهم، وتركوا عبادة الأصنام ودعاءها. { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } أي يدعون معه غيره، وما لم ينزل به سلطاناً. وقيل: إشراكهم أن يقول قائلهم لولا الله والرئيس أو الملاّح لغرقنا، فيجعلون ما فعل الله لهم من النجاة قسمة بين الله وبين خلقه. قوله تعالى: { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ } قيل: هما لام كي أي لكي يكفروا ولكي يتمتعوا. وقيل: { إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } ليكون ثمرة شركهم أن يجحدوا نعم الله ويتمتعوا بالدنيا. وقيل: هما لام أمر معناه التهديد والوعيد. أي اكفروا بما أعطيناكم من النعمة والنجاة من البحر وتمتعوا. ودليل هذا قراءة أُبيّ «وَتَمَتَّعُوا». ابن الأنباري: ويقوي هذا قراءة الأعمش ونافع وحمزة: { وَلْيَتَمَتَّعُوا } بجزم اللام. النحاس: { وَلِيَتَمَتَّعُوا } لام كي، ويجوز أن تكون لام أمر لأن أصل لام الأمر الكسر، إلا أنه أمر فيه معنى التهديد. ومن قرأ: { وَلْيَتَمَتَّعُوا } بإسكان اللام لم يجعلها لام كي لأن لام كي لا يجوز إسكانها. وهي قراءة ابن كثير والمسيّبي وقالون عن نافع، وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم. الباقون بكسر اللام. وقرأ أبو العالية: { لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } تهديد ووعيد.