الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قوله تعالى: { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ } الآية. لما عيّر المشركون المسلمين بالفقر وقالوا لو كنتم على حق لم تكونوا فقراء، وكان هذا تمويهاً، وكان في الكفار فقراء أيضاً أزال الله هذه الشبهة. وكذا قول من قال إن هاجرنا لم نجد ما ننفق. أي فإذا اعترفتم بأن الله خالق هذه الأشياء، فكيف تَشكُّون في الرزق، فمن بيده تكوين الكائنات لا يعجز عن رزق العبد ولهذا وصله بقوله تعالى: { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ }. { فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } أي كيف يكفرون بتوحيدي وينقلبون عن عبادتي { ٱللَّهُ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ } أي لا يختلف أمر الرزق بالإيمان والكفر، فالتوسيع والتقتير منه فلا تعيير بالفقر، فكل شيء بقضاء وقدر. { إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٍ } من أحوالكم وأموركم. وقيل: عليم بما يصلحكم من إقتار أو توسيع.