الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ } * { فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ }

قوله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً } ذكر قصة نوح تسلية لنبيِّه صلى الله عليه وسلم أي ابتلي النبيون قبلك بالكفار فصبروا. وخصّ نوحاً بالذكر لأنه أوّل رسول أرسل إلى الأرض وقد امتلأت كفراً على ما تقدّم بيانه في «هود». وأنه لم يلق نبيّ من قومه ما لقي نوح على ما تقدّم في «هود» عن الحسن. وروي عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أوّل نبيّ أرسل نوح " قال قتادة: وبعث من الجزيرة. واختلف في مبلغ عمره. فقيل: مبلغ عمره ما ذكره الله تعالى في كتابه. قال قتادة: لبث فيهم قبل أن يدعوهم ثلاثمائة سنة، ودعاهم ثلاثمائة سنة، ولبث بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة. وقال ابن عباس: بعث نوح لأربعين سنة، ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعاش بعد الغرق ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا. وعنه أيضاً: أنه بعث وهو ابن مائتين وخمسين سنة، ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين، وعاش بعد الطوفان مائتين سنة. وقال وهب: عمّر نوحٌ ألفاً وأربعمائة سنة. وقال كعب الأحبار: لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعاش بعد الطوفان سبعين عاماً فكان مبلغ عمره ألف سنة وعشرين عاماً. وقال عون بن أبي شداد: بعث نوح وهو ابن خمسين وثلاثمائة سنة، ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعاش بعد الطوفان ثلاثمائة سنة وخمسين سنة فكان مبلغ عمره ألف سنة وستمائة سنة وخمسين سنة ونحوه عن الحسن. قال الحسن: لما أتى ملك الموت نوحاً ليقبض روحه قال: يا نوح كم عشت في الدنيا؟ قال ثلاثمائة قبل أن أبعث، وألف سنة إلا خمسين عاماً في قومي، وثلاثمائة سنة وخمسين سنة بعد الطوفان. قال ملك الموت: فكيف وجدت الدنيا؟ قال نوح: مثل دار لها بابان دخلت من هذا وخرجت من هذا. وروي من حديث أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما بعث الله نوحاً إلى قومه بعثه وهو ابن خمسين ومائتي سنة فلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً وبقي بعد الطوفان خمسين ومائتي سنة فلما أتاه ملك الموت قال: يا نوح يا أكبر الأنبياء ويا طويل العمر ويا مجاب الدعوة كيف رأيت الدنيا قال: مثل رجل بني له بيت له بابان فدخل من واحد وخرج من الآخر " وقد قيل: دخل من أحدهما وجلس هنيهة ثم خرج من الباب الآخر. وقال ابن الوردي: بَنَى نوح بيتاً من قصب، فقيل له: لو بنيت غير هذا، فقال: هذا كثير لمن يموت.

السابقالتالي
2 3