الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ }

قوله تعالى: { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ } أي على بني إسرائيل فيما رآه زينة من متاع الحياة الدنيا من الثياب والدواب والتجمل في يوم عيد. قال الغزنوي: في يوم السبت. { فِي زِينَتِهِ } أي مع زينته. قال الشاعر:
إذا ما قلوبُ القومِ طارت مخافةً   من الموت أرسوا بالنفوس المواجد
أي مع النفوس. كان خرج في سبعين ألفاً من تَبَعه، عليهم المعصفَرات، وكان أوّل من صُبغ له الثياب المعصفَرة. قال السدي: مع ألف جوار بيض على بغال بيض بسروج من ذهب على قُطُف الأرْجُوان. قال ابن عباس: خرج على البغال الشهب. مجاهد: على براذين بيض عليها سروج الأُرْجُوان، وعليهم المعصفَرات، وكان ذلك أوّل يوم رؤي فيه المعصفَر. قال قتادة: خرج على أربعة آلاف دابة عليهم ثياب حمر، منها ألف بغل أبيض عليها قُطُف حمر. قال ابن جريج: خرج على بغلة شهباء عليها الأُرْجُوان، ومعه ثلاثمائة جارية على البغال الشهب عليهن الثياب الحمر. وقال ابن زيد: خرج في سبعين ألفاً عليهم المعصفَرات. الكلبي: خرج في ثوب أخضر كان الله أنزله على موسى من الجنة فسرقه منه قارون. وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: كانت زينته القِرْمز. قلت: القِرْمِز صِبغ أحمر مثل الأُرْجُوان، والأُرْجُوان في اللغة صِبغ أحمر ذكره القشيري. { قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا يٰلَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَآ أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } أي نصيب وافر من الدنيا. ثم قيل: هذا من قول مؤمني ذلك الوقت، تمنوا مثل ماله رغبة في الدنيا. وقيل: هو من قول أقوام لم يؤمنوا بالآخرة ولا رغبوا فيها، وهم الكفار. قوله تعالى: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } وهم أحبار بني إسرائيل للذين تمنوا مكانه { وَيْلَكُمْ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيْرٌ } يعني الجنة. { لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ٱلصَّابِرُونَ } أي لا يؤتى الأعمال الصالحة، أو لا يؤتى الجنة في الآخرة إلا الصابرون على طاعة الله. وجاز ضميرها لأنها المعنية بقوله: { ثَوَابُ اللَّهِ }.