الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ }

فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى: { فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ } قال سعيد بن جبير: سألني رجل من النصارى أي الأجلين قضى موسى. فقلت: لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله ـ يعني ابن عباس ـ فقدمت عليه فسألته فقال: قضى أكملهما وأوفاهما. فأعلمت النصراني فقال: صدق والله هذا العالم. وروي عن ابن عباس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم سأل في ذلك جبريل فأخبره أنه قضى عشر سنين. وحكى الطبريّ عن مجاهد أنه قضى عشراً وعشراً بعدها قال ابن عطية: وهذا ضعيف. الثانية: قوله تعالى: { وَسَارَ بِأَهْلِهِ } قيل: فيه دليل على أن الرجل يذهب بأهله حيث شاء لما لَهُ عليها من فضل القوّامية وزيادة الدرجة إلا أن يلتزم لها أمراً فالمؤمنون عند شروطهم، وأحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج. الثالثة: قوله تعالى: { آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً } الآية. تقدّم القول في ذلك في «طه». والجِذوة بكسر الجيم قراءة العامة، وضمها حمزة ويحيـى، وفتحها عاصم والسُّلَمي وزرّ بن حُبيش. قال الجوهري: الجِذْوة والْجُذْوَة والْجَذْوَةُ الجمرة الملتهبة والجمع جِذاً وجُذاً وجَذاً. قال مجاهد في قوله تعالى: { أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ } أي قطعة من الجمر قال: وهي بلغة جميع العرب. وقال أبو عبيدة: والجِذْوة مثل الجِذمة وهي القطعة الغليظة من الخشب كان في طرفها نار أو لم يكن. قال ابن مقبل:
بَاتَتْ حَوَاطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنَ لَهَا   جَزْلَ الْجِذَا غَيْرَ خَوّارٍ وَلا دَعِرِ
وقال:
وَأَلْقَى على قَيْسٍ منَ النَّار جِذْوَةً   شديداً عليها حَمْيُها ولهيبُها