الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ } * { وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } * { إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } * { فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ }

قوله تعالى: { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ } يعني القرآن بل ينزل به الروح الأمين. { وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } أي برمي الشهب كما مضى في سورة «الحِجرِ» بيانه. وقرأ الحسن ومحمد بن السَّمَيْقَع: { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطُونُ } قال المهدي: وهو غير جائز في العربية ومخالف للخط. وقال النحاس: وهذا غلط عند جميع النحويين وسمعت علي بن سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول: هذا غلط عند العلماء، إنما يكون بدخول شبهة لما رأى الحسن في آخره ياء ونوناً وهو في موضع رفع اشتبه عليه بالجمع المسلّم فغلط، وفي الحديث: " احذروا زلّة العالم " وقد قرأ هو مع الناسوَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ } [البقرة: 14] ولو كان هذا بالواو في موضع رفع لوجب حذف النون للإضافة. وقال الثعلبي قال الفراء: غلط الشيخ ـ يعني الحسن ـ فقيل ذلك للنضر بن شُمَيل فقال: إن جاز أن يحتج بقول رؤبة والعجاج وذويهما، جاز أن يحتج بقول الحسن وصاحبه. مع أنا نعلم أنهما لم يقرأا بذلك إلا وقد سمعا في ذلك شيئاً وقال المؤرِّج: إن كان الشيطان من شاط يشيط كان لقراءتهما وجه. وقال يونس ابن حبيب: سمعت أعرابياً يقول دخلنا بساتين من ورائها بساتون فقلت: ما أشبه هذا بقراءة الحسن. قوله تعالى: { فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ } قيل: المعنى قل لمن كفر هذا. وقيل: هو مخاطبة له عليه السلام وإن كان لا يفعل هذا لأنه معصوم مختار ولكنه خوطب بهذا والمقصود غيره. ودلّ على هذا قوله: { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } أي لا يتكلون على نسبهم وقرابتهم فيدعون ما يجب عليهم.