الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَ أَصْحَابُ لْئَيْكَةِ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتَّقُونَ } * { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُخْسِرِينَ } * { وَزِنُواْ بِٱلْقِسْطَاسِ ٱلْمُسْتَقِيمِ } * { وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ وَٱلْجِبِلَّةَ ٱلأَوَّلِينَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } * { وَمَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله تعالى: { كَذَّبَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ ٱلْمُرْسَلِينَ } الأيك الشجر الملتف الكثير الواحدة أيكة. ومن قرأ: { أَصْحَابُ الأَيْكَةِ } فهي الغيضة. ومن قرأ { لَيْكَةَ } فهو اسم القرية. ويقال: هما مثل بكة ومكة قاله الجوهري. وقال النحاس: وقرأ أبو جعفر ونافع: { كَذَّبَ أَصْحَابُ لَيْكَةَ الْمُرْسَلِينَ } وكذا قرأ في «صۤ». وأجمع القراء على الخفض في التي في سورة «الحِجرِ» والتي في سورة «قۤ» فيجب أن يرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه إذ كان المعنى واحداً. وأما ما حكاه أبو عبيد من أن { ليكة } هي اسم القرية التي كانوا فيها وأن { الأيكة } اسم البلد فشيء لا يثبت ولا يعرف من قاله فيثبت علمه، ولو عرف من قاله لكان فيه نظر لأن أهل العلم جميعاً من أهل التفسير والعلم بكلام العرب على خلافه. وروى عبد الله بن وهب عن جرير بن حازم عن قتادة قال: أرسل شعيبٌ عليه السلام إلى أمتين: إلى قومه من أهل مدين، وإلى أصحاب الأيكة قال: والأيكة غيضة من شجر ملتف. وروى سعيد عن قتادة قال: كان أصحاب الأيكة أهل غيضة وشجر وكانت عامّة شجرهم الدوم وهو شجر الْمُقل. وروى ابن جبير عن الضحاك قال: خرج أصحاب الأيكة ـ يعني حين أصابهم الحرّ ـ فانضموا إلى الغيضة والشجر، فأرسل الله عليهم سحابة فاستظلوا تحتها، فلما تكاملوا تحتها أُحرقوا. ولو لم يكن هذا إلا ما روي عن ابن عباس قال: و«الأيكة» الشجر. ولا نعلم بين أهل اللغة اختلافاً أن الأيكة الشجر الملتف، فأما احتجاج بعض من احتج بقراءة من قرأ في هذين الموضعين بالفتح أنه في السواد { ليكة } فلا حجة له والقول فيه: إن أصله الأيكة ثم خففت الهمزة فألقيت حركتها على اللام فسقطت واستغنت عن ألف الوصل لأن اللام قد تحركت فلا يجوز على هذا إلا الخفض كما تقول بالأحمر تحقق الهمزة ثم تخففها فنقول بِلَحْمرِ فإن شئت كتبته في الخط على ما كتبته أوّلاً، وإن شئت كتبته بالحذف ولم يجز إلا الخفض قال سيبويه: واعلم أن ما لا ينصرف إذا دخلت عليه الألف واللام أو أضيف انصرف ولا نعلم أحداً خالف سيبويه في هذا. وقال الخليل: { الأيكة } غيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر. { إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ } ولم يقل أخوهم شعيب لأنه لم يكن أخاً لأصحاب الأيكة في النسب، فلما ذكر مدين قال: { أَخَاهُمْ شُعَيْباً } لأنه كان منهم. وقد مضى في «الأعراف» القول في نسبه. قال ابن زيد: أرسل الله شعيباً رسولاً إلى قومه أهل مدين، وإلى أهل البادية وهم أصحاب الأيكة وقاله قتادة. وقد ذكرناه. { أَلاَ تَتَّقُونَ } تخافون الله { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } الآية.

السابقالتالي
2 3