الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ } * { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ } * { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } * { وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } * { مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ } * { فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله تعالى: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } ذكر قصة صالح وقومه وهم ثمود وكانوا يسكنون الحِجْر كما تقدّم في «الحجر» وهي ذوات نخل وزروع ومياه. { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ } يعني في الدنيا آمنين من الموت والعذاب. قال ابن عباس: كانوا معمَّرين لا يبقى البنيان مع أعمارهم. ودلّ على هذا قوله:وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } [هود: 61] فقرّعهم صالح ووبخّهم وقال: أتظنون أنكم باقون في الدنيا بلا موت { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ }. الزمخشري: فإن قلت لم قال: { ونَخْلٍ } بعد قوله: { وَجَنَّاتٍ } والجنات تتناول النخل أوّل شيء كما يتناول النَّعم الإبل كذلك من بين الأزواج حتى إنهم ليذكرون الجنة ولا يقصدون إلا النخل كما يذكرون النَّعم ولا يريدون إلا الإبل قال زهير:
كَأَنَّ عَيْنَيَّ في غَرْبَي مُقَتَّلَةٍ   من النَّواضِحِ تَسْقِي جَنَّةً سُحُقاً
يعني النخل والنخلة السَّحُوق البعيدة الطول. قلت: فيه وجهان أحدهما: أن يخص النخل بإفراده بعد دخوله في جملة سائر الشجر تنبيهاً على انفراده عنها بفضله عنها. والثاني: أن يريد بالجنات غيرها من الشجر لأن اللفظ يصلح لذلك ثم يعطف عليها النخل. والطلعة هي التي تطلع من النخلة كنصل السيف في جوفه شماريخ القِنوِ، والقِنو اسم للخارج من الجذع كما هو بعرجونه وشماريخه. و { هَضِيمٌ } قال ابن عباس: لطيف ما دام في كُفُرّاه. والهضيم اللطيف الدقيق ومنه قول امرىء القيس:
عَلـيَّ هَضـيـمَ الكَـشْـحِ رَيَّـا المُخَـلْخَـلِ   
الجوهري: ويقال للطلع هَضيم ما لم يخرج من كُفُرّاه لدخول بعضه في بعض. والهضيم من النساء اللطيفة الكشحين. ونحوه حكى الهروي قال: هو المنضم في وعائه قبل أن يظهر ومنه رجل هضيم الجنبين أي منضمهما هذا قول أهل اللغة. وحكى الماوردي وغيره في ذلك اثنى عشر قولاً: أحدها: أنه الرطب اللين قاله عكرمة. الثاني: هو المذنِّب من الرطب قاله سعيد بن جبير. قال النحاس: وروى أبو إسحاق عن يزيد ـ هو ابن أبي زياد كوفي ويزيد بن أبي مريم شامي ـ { وَنَخْلٌ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } قال: منه ما قد أرطب ومنه مذنِّب. الثالث: أنه الذي ليس فيه نوى قاله الحسن. الرابع: أنه المتهشم المتفتت إذا مس تفتت قاله مجاهد. وقال أبو العالية: يتهشم في الفم. الخامس: هو الذي قد ضمر بركوب بعضه بعضاً قاله الضحاك ومقاتل. السادس: أنه المتلاصق بعضه ببعض قاله أبو صخر. السابع: أنه الطلع حين يتفرق ويخضر قاله الضحاك أيضاً. الثامن: أنه اليانع النضيج قاله ابن عباس. التاسع: أنه المكتنز قبل أن ينشق عنه القشر حكاه ابن شجرة قال:
كأنّ حَمولةً تُجْلَى عليهِ   هَضِيمٌ ما يُحسُّ له شُقُوقُ
العاشر: أنه الرخو قاله الحسن. الحادي عشر: أنه الرخص اللطيف أوّل ما يخرج وهو الطلع النَّضِيدُ قاله الهروي.

السابقالتالي
2 3