الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً }

قوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ } أي لله تعالى. { قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ } على جهة الإنكار والتعجب، أي ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، يعنون مسيلمة الكذاب. وزعم القاضي أبو بكر ابن العربيّ أنهم إنما جهلوا الصفة لا الموصوف، واستدلّ على ذلك بقوله: { وَما الرَّحْمنُ } ولم يقولوا ومن الرحمن. قال ابن الحصار: وكأنه رحمه الله لم يقرأ الآية الأخرىوَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } [الرعد: 30]. { أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } هذه قراءة المدنيين والبصريين أي لما تأمرنا أنت يا محمد. واختاره أبو عبيد وأبو حاتم. وقرأ الأعمش وحمزة والكسائيّ: { يأْمُرُنَا } بالياء. يعنون الرحمن كذا تأوّله أبو عبيد، قال: ولو أقرّوا بأنّ الرحمن أمرهم ما كانوا كفاراً. فقال النحاس: وليس يجب أن يتأوّل عن الكوفيين في قراءتهم هذا التأويل البعيد، ولكن الأولى أن يكون التأويل لهم { أَنَسْجُدُ لِمَا يَأْمُرُنا } النبيّ صلى الله عليه وسلم فتصح القراءة على هذا، وإن كانت الأولى أبين وأقرب تناولاً. { وَزَادَهُمْ نُفُوراً } أي زادهم قول القائل لهم اسجدوا للرحمن نفوراً عن الدِّين. وكان سفيان الثوريّ يقول في هذه الآية: إلٰهي زادني لك خضوعاً ما زاد عداك نفوراً.