الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ }

رُوي أنها نزلت بسبب المؤمنين لما كثروا بمكة وآذاهم الكفار وهاجر من هاجر إلى أرض الحبشة أراد بعض مؤمني مكة أن يقتل مَن أمكنه من الكفار ويغتالَ ويَغْدِر ويحتال فنزلت هذه الآية إلى قوله: «كفورٍ». فوعد فيها سبحانه بالمدافعة ونهى أفصح نهي عن الخيانة والغدر. وقد مضى في «الأنفال» التشديد في الغدر وأنه: «يُنصب للغادر لواء عند استه بقدر غَدْرته يقال هذه غَدْرة فلان». وقيل: المعنى يدفع عن المؤمنين بأن يديم توفيقهم حتى يتمكن الإيمان من قلوبهم، فلا تقدر الكفار على إمالتهم عن دينهم وإن جرى إكراه فيعصمهم حتى لا يرتدّوا بقلوبهم. وقيل: يدفع عن المؤمنين بإعلائهم بالحجة. ثم قتل كافرٍ مؤمناً نادر، وإنْ فيدفع الله عن ذلك المؤمن بأن قبضه إلى رحمته. وقرأ نافع «يُدافِع» «ولولا دِفاع». وقرأ أبو عمرو وابن كَثير «يدفع» «ولولا دَفْعُ». وقرأ عاصم وحمزة والكسائي «يُدافِعُ» «ولولا دَفْعُ اللهِ». ويدافع بمعنى يدفع مثل عاقبت اللص، وعافاه الله والمصدر دفعاً. وحكى الزهراويّ أن «دِفاعا» مصدر دفع كحسب حِسابا.