الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ }

قوله تعالى: { لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا } أي لو كانت الأصنام آلهة لما ورد عابدوها النار. وقيل: ما وردها العابدون والمعبودون ولهذا قال: { وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ }. قوله تعالى: { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } أي لهؤلاء الذين وردوا النار من الكفار والشياطين فأما الأصنام فعلى الخلاف فيها هل يحييها الله تعالى ويعذبها حتى يكون لها زفير أو لا؟ قولان: والزفير صوت نفس المغموم يخرج من القلب. وقد تقدّم في «هود». { وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } قيل: في الكلام حذف والمعنى وهم فيها لا يسمعون شيئاً لأنهم يحشرون صماً، كما قال الله تعالى:وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً } [الإسراء: 97]. وفي سماع الأشياء رَوْح وأنس، فمنع الله الكفار ذلك في النار. وقيل: لا يسمعون ما يسرهم، بل يسمعون صوت من يتولى تعذيبهم من الزبانية. وقيل: إذا قيل لهمٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون: 108] يصيرون حينئذٍ صماً بكما كما قال ابن مسعود: إذا بقي من يخلد في النار في جهنم جعلوا في توابيت من نار، ثم جعلت التوابيت في توابيت أخرى فيها مسامير من نار، فلا يسمعون شيئاً، ولا يرى أحد منهم أن في النار من يعذب غيره.