الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ } * { وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ }

قوله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ وَضِيَآءً } وحكي عن ابن عباس وعكرمة «الْفُرْقَانَ ضِيَاءً» بغير واو على الحال. وزعم الفراء أن حذف الواو والمجيء بها واحد، كما قال الله عز وجل:إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ وَحِفْظاً } [الصافات: 6 ـ 7] أي حفظاً. ورد عليه هذا القول الزجاج. قال: لأن الواو تجيء لمعنى فلا تزاد. قال: وتفسير «الفرقان» التوراة لأن فيها الفرق بين الحرام والحلال. قال: «وَضِيَاءً» مثل «فِيهِ هُدًى وَنُورٌ» وقال ابن زيد: «الفرقان» هنا هو النصر على الأعداء دليله قوله تعالى:وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } [الأنفال: 41] يعني يوم بدر. قال الثعلبي: وهذا القول أشبه بظاهر الآية لدخول الواو في الضياء فيكون معنى الآية: ولقد آتينا موسى وهارون النصر والتوراة التي هي الضياء والذكر. { لَّلْمُتَّقِينَ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ } أي غائبين لأنهم لم يروا الله تعالى، بل عرفوا بالنظر والاستدلال أن لهم رباً قادراً، يجازي على الأعمال فهم يخشونه في سرائرهم، وخلواتهم التي يغيبون فيها عن الناس. { وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ } أي من قيامها قبل التوبة. { مُشْفِقُونَ } أي خائفون وجلون.وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ } [الأنبياء: 50] يعني القرآن { أَفَأَنْتُمْ لَهُ } يا معشر العرب { مُنكِرُونَ } وهو معجز لا تقدرون على الإتيان بمثله. وأجاز الفراء «وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكاً أَنزَلْنَاهُ» بمعنى أنزلناه مباركاً.