الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ ٱللَّهِ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

قوله تعالى: { أَمْ تَقُولُونَ } بمعنى قالوا: وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص «تقولون» بالتاء وهي قراءة حسنة لأن الكلام متّسق، كأن المعنى: أتحاجوننا في الله أم تقولون إن الأنبياء كانوا على دينكم فهي أم المتصلة، وهي على قراءة من قرأ بالياء منقطعة فيكون كلامين وتكون «أمْ» بمعنى بل. { هُوداً } خبر كان، وخبر «إنّ» في الجملة. ويجوز في غير القرآن رفع «هودا» على خبر «إنّ»، وتكون كان ملغاة ذكره النحاس. قوله تعالى: { قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ } تقرير وتوبيخ في ٱدعائهم بأنهم كانوا هوداً أو نصارى. فردّ الله عليهم بأنه أعلم بهم منكم أي لم يكونوا هوداً ولا نصارى. قوله تعالى: { وَمَنْ أَظْلَمُ } لفظه الاستفهام، والمعنى: لا أحد أظلم. { مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً } يريد علمهم بأن الأنبياء كانوا على الإسلام. وقيل: ما كتموه من صفة محمد صلى الله عليه وسلم قاله قتادة، والأوّل أشبه بسياق الآية. { وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } وَعِيد وإعلام بأنه لم يترك أمرهم سُدًى وأنه يجازيهم على أعمالهم. والغافل: الذي لا يَفْطُن للأمور إهمالاً منه مأخوذ من الأرض الغُفْل وهي التي لا عَلَم بها ولا أثرَ عمارة. وناقةٌ غُفْل: لا سِمَة بها. ورَجل غُفْل: لم يجرّب الأمور. وقال الكسائي: أرض غُفْل لم تُمطر. غَفَلت عن الشيء غَفْلة وغُفولاً، وأغفلت الشيء: تركته على ذُكر منك.