قوله تعالى: { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } قال قتادة: هم أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم والكتاب على هذا التأويل القرآن. وقال ٱبن زيد: هم من أسلم من بني إسرائيل. والكتاب على هذا التأويل: التوراة والآية تَعُمّ. و «الذين» رفع بالابتداء، «آتيناهم» صلته، { يَتْلُونَهُ } خبر الابتداء، وإن شئت كان الخبر { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ }. وٱختلف في معنى { يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ } فقيل: يتَّبعونه حق ٱتباعه، بٱتباع الأمر والنهي فيحلّلون حلاله، ويحرّمون حرامه، ويعملون بما تضمَّنه قاله عكرمة. قال عكرمة: أما سمعت قول الله تعالى:{ وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } [الشمس: 2] أي أتبعها وهو معنى قول ٱبن عباس وٱبن مسعود رضي الله عنهما. وقال الشاعر:
قد جَعَلَتْ دَلْوِي تَسْتَتْلِينِي
وروى نصر بن عيسى عن مالك عن نافع عن ٱبن عمر " عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: { يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ } قال: «يتَّبعونه حق ٱتباعه» " في إسناده غير واحد من المجهولين فيما ذكر الخطيب أبو بكر أحمد، إلا أن معناه صحيح. وقال أبو موسى الأشعري: من يتَّبع القرآن يهبط به على رياض الجنة. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: هم الذين إذا مَرُّوا بآية رحمة سألوها من الله، وإذا مَرُّوا بآية عذاب ٱستعاذوا منها. وقد روي هذا المعنى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: كان إذا مرّ بآية رحمة سأل، وإذا مرّ بآية عذاب تَعَوّذ. وقال الحسن: هم الذين يعملون بمُحْكَمه، ويؤمنون بمتشابهه، ويَكِلُون ما أشكل عليهم إلى عالمه. وقيل: يقرأونه حق قراءته. قلت: وهذا فيه بُعْدٌ، إلا أن يكون المعنى يرتّلون ألفاظه، ويفهمون معانيه فإنّ بفهم المعاني يكون الاتباع لمن وُفق.