الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً }

قوله تعالى: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ } أي من أمة وجماعة من الناس يخوّف أهل مكة. { هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } في موضع نصب أي هل ترى منهم أحداً وتجد. { أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } أي صوتاً عن ابن عباس وغيره أي قد ماتوا وحصلوا على أعمالهم. وقيل: حِسًّا قاله ابن زيد. وقيل: الركز ما لا يفهم من صوت أو حركة قاله اليزيدي وأبو عبيدة كركز الكتيبة وأنشد أبو عبيدة بيت لبيد:
وتَوَجَّسَتْ رِكْزَ الأَنِيس فَرَاعَهَا   عن ظَهْر غيبٍ والأنِيس سَقَامُها
وقيل: الصوت الخفي. ومنه ركَزَ الرُّمحَ إذا غَيَّب طرفَه في الأرض. وقال طرفة:
وَصادِقَتَا سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّرَى   لرِكْزٍ خَفِيٍّ أو لصَوْتٍ مُنَدَّد
وقال ذو الرُّمة يصف ثوراً تسمع إلى صوت صائد وكلاب:
إذا توجسَ رِكْزاً مقفِرٌ نَدُسٌ   بِنبأةِ الصوتِ ما في سمعه كذب
أي ما في استماعه كذب أي هو صادق الاستماع. والنَّدِس الحاذق فيقال: نَدِسٌ ونَدُس كما يقال: حَذِر وحَذُر، ويَقِظٌ ويَقُظ. والنبأة الصوت الخفيّ، وكذلك الرّكز، والركاز المال المدفون. والله تعالى أعلم بالصواب.