الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ كۤهيعۤصۤ } * { ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ } * { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً } * { قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّي وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً } * { وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً }

قوله تعالى: { كۤهيعۤصۤ } تقدّم الكلام في أوائل السور. وقال ابن عباس في { كۤهيعۤصۤ }: إن الكاف من كافٍ، والهاء من هادٍ، والياء من حكيم، والعين من عليم، والصاد من صادق ذكره ابن عزيز القشيري عن ابن عباس معناه كافٍ لخلقه، هادٍ لعباده، يده فوق أيديهم، عالم بهم، صادق في وعده ذكره الثعلبي عن الكلبي والسدي ومجاهد والضحاك. وقال الكلبي أيضاً: الكاف من كريم وكبير وكافٍ، والهاء من هادٍ، والياء من رحيم، والعين من عليم وعظيم، والصاد من صادق والمعنى واحد. وعن ابن عباس أيضاً: هو اسم من أسماء الله تعالى وعن عليّ رضي الله عنه هو اسم الله عز وجل وكان يقول: يا كهيعص اغفر لي ذكره الغزنوي. السدي: هو اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب. قتادة: هو اسم من أسماء القرآن ذكره عبد الرزاق عن مَعْمَر عنه. وقيل: هو اسم للسورة وهو اختيار القشيري في أوائل الحروف وعلى هذا قيل: تمام الكلام عند قوله: «كهيعص» كأنه إعلام باسم السورة، كما تقول: كتاب كذا أو باب كذا ثم تشرع في المقصود. وقرأ ابن جعفر هذه الحروف متقطعة، ووصلها الباقون، وأمال أبو عمرو الهاء وفتح الياء، وابن عامر وحمزة بالعكس، وأمالها جميعاً الكسائي وأبو بكر وخلف. وقرأهما بين اللفظين أهل المدينة نافع وغيره. وفتحهما الباقون. وعن خارجة أن الحسن كان يضم كاف، وحكى غيره أنه كان يضم ها، وحكى إسماعيل بن إسحاق أنه كان يضم يا. قال أبو حاتم: ولا يجوز ضم الكاف ولا الهاء ولا الياء قال النحاس: قراءة أهل المدينة من أحسن ما في هذا، والإمالة جائزة في هَا ويَا. وأما قراءة الحسن فأشكلت على جماعة حتى قالوا: لا تجوز منهم أبو حاتم. والقول فيها ما بيَّنه هارون القارىء قال: كان الحسن يشم الرفع فمعنى هذا أنه كان يومىء كما حكى سيبويه أن من العرب من يقول: الصلاة والزكاة يومىء إلى الواو، ولهذا كتبتا في المصحف بالواو. وأظهر الدال من هجاء «صۤ» نافع وابن كثير وعاصم ويعقوب، وهو اختيار أبي عبيد وأدغمها الباقون. قوله تعالى: { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ * إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً }. فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى: { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ } في رفع «ذكر» ثلاثة أقوال قال الفراء: هو مرفوع بـ«ـكهيعص» قال الزجاج: هذا محال لأن «كهيعص» ليس هو مما أنبأنا الله عز وجل به عن زكريا، وقد خبّر الله تعالى عنه وعن ما بشّر به، وليس «كهيعص» من قصته. وقال الأخفش: التقدير فيما يقص عليكم ذكر رحمة ربك. والقول الثالث: أن المعنى هذا الذي يتلوه عليكم ذكر رحمة ربك.

السابقالتالي
2 3 4 5