الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى }

قوله تعالى: { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ } لما اقتضى قوله تعالى: { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ } اختلافاً وقع في أمد الفتية، عقّب بالخبر عن أنه عز وجل يعلم من أمرهم بالحق الذي وقع. وقوله تعالى: { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ } أي شباب وأحداث حكم لهم بالفتوّة حين آمنوا بلا واسطة كذلك قال أهل اللسان: رأس الفتوّة الإيمان. وقال الجنيد: الفتوّة بذل النَّدى وكفُّ الأذى وترك الشكوى. وقيل: الفتوّة اجتناب المحارم واستعجال المكارم. وقيل غير هذا. وهذا القول حسن جداً لأنه يعمّ بالمعنى جميع ما قيل في الفتوّة. قوله تعالى: { وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } أي يسّرناهم للعمل الصالح من الانقطاع إلى الله تعالى، ومباعدة الناس، والزهد في الدنيا. وهذه زيادة على الإيمان. وقال السُّدِّي: زادهم هُدًى بكلب الراعي حين طردوه ورجموه مخافة أن ينبح عليهم وينبّه بهم فرفع الكلب يديه إلى السماء كالداعي فأنطقه الله، فقال: يا قوم! لِمَ تطردونني، لم ترجمونني! لم تضربونني! فوالله لقد عرفت الله قبل أن تعرفوه بأربعين سنة فزادهم الله بذلك هُدًى.