الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً }

قوله تعالى: { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ } أي من بعد نومهم. ويقال لمن أُحْيِيَ أو أقيم من نومه مبعوث لأنه كان ممنوعاً من الانبعاث والتصرف. قوله تعالى: { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ } «لنعلم» عبارة عن خروج ذلك الشيء إلى الوجود ومشاهدته وهذا على نحو كلام العرب، أي لنعلم ذلك موجوداً، وإلا فقد كان الله تعالى علم أيّ الحزبين أحصى الأمد. وقرأ الزُّهريّ «ليعلم» بالياء. والحزبان الفريقان. والظاهر من الآية أن الحزب الواحد هم الفتية إذ ظنوا لبثهم قليلاً. والحزب الثاني أهل المدينة الذين بعث الفتية على عهدهم، حين كان عندهم التاريخ لأمر الفتية. وهذا قول الجمهور من المفسرين. وقالت فرقة: هما حزبان من الكافرين، اختلفا في مدّة أصحاب الكهف. وقيل: هما حزبان من المؤمنين. وقيل غير ذلك مما لا يرتبط بألفاظ الآية. و«أحصى» فعل ماض. و«أمدا» نصب على المفعول به قاله أبو عليّ. وقال الفرّاء: نصب على التمييز. وقال الزجاج: نصب على الظرف، أي أيّ الحزبين أحصى للبثهم في الأمد، والأمد الغاية. وقال مجاهد: «أمدا» معناه عددا، وهذا تفسير بالمعنى على جهة التقريب. وقال الطبري: «أمدا» منصوب بـ«لبثوا». ابن عطية: وهذا غير متّجه، وأما من قال إنه نصب على التفسير فيلحقه من الاختلال أن أفعل لا يكون من فعل رباعي إلا في الشاذ، و«أحصى» فعل رباعي. وقد يحتج له بأن يقال: إن أفعل في الرباعي قد كثر كقولك: ما أعطاه للمال وآتاه للخير. " وقال في صفة حوضه صلى الله عليه وسلم: «ماؤه أبيض من اللبن» " وقال عمر بن الخطاب: فهو لما سواها أضْيع.