الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً }

قوله تعالى: { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَـٰنِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ } أي هؤلاء الذين يزيدهم القرآن خسارا صفتهم الإعراض عن تدبر آيات الله والكفران لنعمه. وقيل: نزلت في الوليد ابن المغيرة. ومعنى «نَأَى بِجَانِبِه» أي تكبر وتباعد. وناء مقلوب منه والمعنى: بَعُد عن القيام بحقوق الله عز وجل يقال: نأى الشيء أي بعد. ونأيته ونأيت عنه بمعنى، أي بَعدت. وأَنْأيته فٱنتأى أي أبعدته فَبعُد. وتناءَوْا تباعدوا. والمُنْتأى الموضع البعيد.قال النابغة:
فإنك كالليل الذي هو مُدْرِكى   وإن خِلْتُ أن المنتأى عنك واسعُ
وقرأ ابن عامر في رواية ابن ذكوان «ناء» مثل باع، الهمزة مؤخرة، وهو على طريقة القلب من نأى كما يقال: راء ورأى. وقيل: هو من النوء وهو النهوض والقيام. وقد يقال أيضا للوقوع والجلوس: نوء وهو من الأضداد. وقرىء «ونئى» بفتح النون وكسر الهمزة. والعامة «نأى» في وزن رأى. { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً } أي إذا ناله شدة من فقر أو سقم أو بؤس يئس وقنط لأنه لا يثق بفضل الله تعالى.