الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً } * { وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً }

قوله تعالى: { مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ } يعني الدنيا، والمراد الدار العاجلة فعبّر بالنعت عن المنعوت. { عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ } أي لم نعطه منها إلا ما نشاء ثم نؤاخذه بعمله، وعاقبته دخولُ النار. { مَذْمُوماً مَّدْحُوراً } أي مطروداً مبعداً من رحمة الله. وهذه صفة المنافقين الفاسقين، والمرائين المداجين، يلبِسون الإسلام والطاعة لينالوا عاجل الدنيا من الغنائم وغيرها، فلا يقبل ذلك العمل منهم في الآخرة ولا يُعطون في الدنيا إلا ما قُسم لهم. وقد تقدّم في «هود» أن هذه الآية تقيّد تلك الآيات المطلقة فتأمْله. { وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ } أي الدار الآخرة. { وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا } أي عمِل لها عملها من الطاعات. { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } لأن الطاعات لا تقبل إلا من مؤمن. { فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً } أي مقبولاً غير مردود. وقيل: مضاعَفاً أي تضاعف لهم الحسنات إلى عشر، وإلى سبعين وإلى سبعمائة ضعف، وإلى أضعاف كثيرة كما روي " عن أبي هريرة وقد قيل له: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله ليَجْزي على الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة»؟ فقال سمعته يقول: «إن الله ليَجْزِي على الحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة» "