الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ وَكَانَ ٱلإنْسَانُ قَتُوراً }

قوله تعالى: { قُل لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي } أي خزائن الأرزاق. وقيل: خزائن النّعم، وهذا أعم. { إِذاً لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ ٱلإِنْفَاقِ } من البخل، وهو جواب قولهم: «لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً» حتى نتوسّع في المعيشة. أي لو توسعتم لبخلتم أيضاً. وقيل: المعنى لو ملك أحد المخلوقين خزائن الله لما جاد بها كجود الله تعالى لأمرين: أحدهما: أنه لا بد أن يمسك منها لنفقته وما يعود بمنفعته. الثاني: أنه يخاف الفقر ويخشى العدم. والله تعالى يتعالى في وجوده عن هاتين الحالتين. والإنفاق في هذه الآية بمعنى الفقر قاله ابن عباس وقتادة. وحكى أهل اللغة أنفق وأصرم وأعدم وأقتر إذا قلّ ماله. { وَكَانَ ٱلإنْسَانُ قَتُوراً } أي بخيلاً مضيقاً. يقال: قَتَر على عياله يَقْتِر ويَقْترُ قتراً وقتوراً إذا ضيق عليهم في النفقة، وكذلك التقتير والإقتار، ثلاث لغات. واختلف في هذه الآية على قولين: أحدهما: أنها نزلت في المشركين خاصة قاله الحسن. والثاني: أنها عامة، وهو قول الجمهور وذكره الماورديّ.