الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } * { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

قوله تعالى: { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ } أي أصنامهم وأوثانهم التي عبدوها وذلك أن الله يبعث معبوديهم فيتبعونهم حتى يُورِدوهم النار. وفي صحيح مسلم: " من كان يعبد شيئاً فَلْيَتَّبِعْه فيتّبِع من كان يعبد الشمس الشمسَ ويتّبع من كان يعبد القمر القمرَ ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت " الحديث، خرجه من حديث أنس، والترمذي من حديث أبي هريرة، وفيه: " فيُمَثَّل لصاحب الصليب صليبُه ولصاحب التصاوير تصاويرُه ولصاحب النار نارُه فيتبعون ما كانوا يعبدون " وذكر الحديث. { قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ } أي الذين جعلناهم لك شركاء. { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } أي ألقت إليهم الآلهة القول، أي نطقت بتكذيب من عبدها بأنها لم تكن آلهة، ولا أمرتهم بعبادتها، فيُنطق الله الأصنامَ حتى تظهر عند ذلك فضيحة الكفار. وقيل: المراد بذلك الملائكة الذين عبدوهم. { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } يعني المشركين، أي استسلموا لعذابه وخضعوا لعزّه. وقيل: استسلم العابد والمعبود وانقادوا لحكمه فيهم. { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي زال عنهم ما زَيّن لهم الشيطان وما كانوا يؤمّلون من شفاعة آلهتهم.