الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

قوله تعالى: { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } تقدّم معناه. وهذا متصل بقوله { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } أي شرعُ التحليل والتحريم إنما يحسن ممن يحيط بالعواقب والمصالح وأنتم أيها المشركون لا تحيطون بها فلِمَ تتحكمون. { وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } وتجازَوْن فيها بأعمالكم. والساعة هي الوقت الذي تقوم فيه القيامة سُميّت ساعةً لأنها تفجأ الناس في ساعة فيموت الخلق بصيحة. والَّلْمح: النظر بسرعة يقال: لَمَحه لَمْحاً وَلَمحانا. ووجه التأويل أن الساعة لما كانت آتية ولا بُدّ جُعلت من القرب كلمح البصر. وقال الزجاج: لم يرد أن الساعة تأتي في لمح البصر، وإنما وصف سرعة القدرة على الإتيان بها أي يقول للشيء كن فيكون. وقيل: إنما مَثّل بلمح البصر لأنه يلمح السماء مع ما هي عليه من البعد من الأرض. وقيل: هو تمثيل للقرب كما يقول القائل: ما السَّنة إلا لحظة، وشبهه. وقيل: المعنى هو عند الله كذلك لا عند المخلوقين دليله قولُه:إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداًوَنَرَاهُ قَرِيباً } [المعارج: 6]. { أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } ليس «أو» للشك بل للتمثيل بأيهما أراد الممثل. وقيل: دخلت لشك المخاطب. وقيل: «أو» بمنزلة بل. { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } تقدّم.