الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ بَلَىٰ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلْنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } هذا تعجيب من صنعهم، إذ أقسموا بالله وبالغوا في تغليظ اليمين بأن الله لا يبعث من يموت. ووجه التعجيب أنهم يظهرون تعظيم الله فيقسمون به ثم يعجّزونه عن بعث الأموات. وقال أبو العالية: كان لرجل من المسلمين على مشرك دين فتقاضاه، وكان في بعض كلامه: والذي أرجوه بعد الموت إنه لكذا، فأقسم المشرك بالله: لا يبعث الله من يموت فنزلت الآية. وقال قتادة: ذكر لنا أن ابن عباس قال له رجل: يا ابن عباس، إن ناساً يزعمون أن عليًّا مبعوث بعد الموت قَبْل الساعة، ويتأوّلون هذه الآية. فقال ابن عباس: كذب أولئك! إنما هذه الآية عامة للناس، لو كان عليّ مبعوثاً قبل القيامة ما نكحنا نساءه ولا قسمنا ميراثه. { بَلَىٰ } هذا ردّ عليهم أي بلى ليبعثنهم. { وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً } مصدر مؤكّد لأن قوله «يبعثهم» يدل على الوعد، أي وعد البعث وعداً حقاً. { وَلـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلْنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أنهم مبعوثون. وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: " قال الله تعالى كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني وأما شتمه إيّاي فقوله اتخذ الله ولداً وأنا الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفُؤاً أحد " وقد تقدّم ويأتي.