الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ }

قوله تعالى: { أَفَمَن يَخْلُقُ } هو الله تعالى. { كَمَن لاَّ يَخْلُقُ } يريد الأصنام. { أَفَلا تَذَكَّرُونَ } أخبر عن الأوثان التي لا تخلق ولا تضر ولا تنفع، كما يُخبر عمن يعمل على ما تستعمله العرب في ذلك فإنهم كانوا يعبدونها فذكرت بلفظ «مَن» كقوله:أَلَهُمْ أَرْجُلٌ } [الأعراف: 195]. وقيل: لاقتران الضمير في الذكر بالخالق. قال الفراء: هو كقول العرب: اشتبه عليّ الراكب وجمله فلا أدري مَن ذا ومَن ذا وإن كان أحدهما غير إنسان. قال المَهْدَوِيّ: ويسأل بـ «ـمَن» عن البارىء تعالى ولا يسأل عنه بـ «ـما» لأن «ما» إنما يسأل بها عن الأجناس، والله تعالى ليس بذي جنس، ولذلك أجاب موسى عليه السلام حين قال له:فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } [طه: 49] ولم يجب حين قال له:وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [الشعراء: 26] إلا بجواب «مَن» وأضرب عن جواب «ما» حين كان السؤال فاسداً. ومعنى الآية: من كان قادراً على خلق الأشياء المتقدمة الذكر كان بالعبادة أحقّ ممن هو مخلوق لا يضر ولا ينفعهَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } [لقمان: 11]أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ } [فاطر: 40].