الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي بالإغواء والكُفْر، أي ليس لك قدرة على أن تحملهم على ذنب لا يُغفر قاله سفيان. وقال مجاهد: لا حجة له على ما يدعوهم إليه من المعاصي. وقيل: إنه ليس له عليهم سلطان بحال لأن الله تعالى صرف سلطانه عليهم حين قال عدوّ الله إبليس لعنه الله { وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } قال الله تعالى:إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } [الحجر: 42]. قلت: قد بينا أن هذا عامٌّ يدخله التخصيص، وقد أغوى آدمَ وحوّاءَ عليهما السلام بسلطانه، وقد شَوّش على الفضلاء أوقاتهم بقوله: من خلق ربّك؟ حسبما تقدّم في آخر الأعراف بيانه. { إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَىٰ ٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ } أي يطيعونه. يقال: تولّيته أي أطعته، وتوليت عنه، أي أعرضت عنه. { وَٱلَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } أي بالله قاله مجاهد والضحاك. وقيل: يرجع «به» إلى الشيطان قاله الربيع بن أنس والقُتَبيّ. والمعنى: والذين هم من أجله مشركون. يقال: كفرت بهذه الكلمة، أي من أجلها. وصار فلان بك عالماً، أي من أجلك. أي والذي تولّى الشيطانَ مشركون بالله.