الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ }

قوله تعالى: { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } أي للزوال والفناء. وقيل: أي لأجازي المحسن والمسيء كما قال:وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } [النجم: 31]. { وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَةٌ } أي لكائنة فيُجزى كل بعمله. { فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ } مثلُوَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } [المزمل: 10] أي تجاوز عنهم يا محمد، واعف عفواً حسناً ثم نسخ بالسيف. قال قتادة: نسخه قوله: { فَخُذُوهُمْ وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ }. وأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لهم: " لقد جئتكم بالذَّبْح وبُعثت بالحصاد ولم أبعث بالزراعة " قاله عكرمة ومجاهد. وقيل: ليس بمنسوخ، وأنه أمرٌ بالصفح في حق نفسه فيما بينه وبينهم. والصفح: الإعراض عن الحسن وغيره. { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْخَلاَّقُ } أي المقدّر للخلق والأخلاق. { ٱلْعَلِيمُ } بأهل الوفاق والنفاق.