الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ }

هذه الآية وزانُ قوله عليه السلام: " لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قَنِط من رحمته أحد " أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة. وقد تقدّم في الفاتحة. وهكذا ينبغي للإنسان أن يذكّرنفسه وغيره فيخوّف ويرجّى، ويكون الخوف في الصحة أغلب عليه منه في المرض. وجاء في الحديث " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خرج على الصحابة وهم يضحكون فقال: «أتضحكون وبين أيديكم الجنة والنار» " فشق ذلك عليهم فنزلت الآية. ذكره الماورديّ والمهدويّ. ولفظ الثعلبيّ " عن ابن عمر قال: اطّلع علينا النبيّ صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شَيْبة ونحن نضحك فقال: «ما لكم تضحكون لا أراكم تضحكون» ثم أدبر حتى إذا كان عند الحِجْر رجع القهقرى فقال لنا: «إني لما خرجت جاءني جبريل فقال يا محمد لم تُقنّط عبادي من رحمتي «نبّىء عِبادي أني أنا الغفور الرحِيم. وأن عذابِي هو العذاب الألِيم» " فالقنوط إياس، والرجاء إهمال، وخير الأمور أوساطها.