الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }

قوله تعالى: { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ } الكلمة الخبيثة كلمة الكفر. وقيل: الكافر نفسه. والشجرة الخبيثة شجرة الحَنْظَل كما في حديث أنس، وهو قول ابن عباس ومجاهد وغيرهما، وعن ابن عباس أيضاً: أنها شجرة لم تخلق على الأرض. وقيل: هي شجرة الثّوم عن ابن عباس أيضاً. وقيل: الكَمْأَةُ أو الطّحلبة. وقيل: الْكَشُوث، وهي شجرة لا ورق لها ولا عروق في الأرض قال الشاعر:
وهُمْ كَشُـوثٌ فلا أصـلٌ ولا ورقٌ   
{ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ } اقتلعت من أصلها قاله ابن عباس ومنه قول لَقِيط:
هو الجلاءُ الذي يَجتثُّ أصلَكُمُ   فمن رأى مثلَ ذا يوماً ومن سَمِعَا
وقال المؤرج: أخِذَت جثّتها وهي نفسها، والجثّة شخص الإنسان قاعداً أو قائماً. وَجَثّه قَلَعه، وٱجتثه اقتلعه من فوق الأرض أي ليس لها أصل راسخ يشرب بعروقه من الأرض. { مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } أي من أصل في الأرض. وقيل: من ثبات فكذلك الكافر لا حجة له ولا ثبات ولا خير فيه، وما يصعد له قولٌ طيّب ولا عملٌ صالح. وروى معاوية بن صالح عن عليّ بن أبي طلحة في قوله تعالى: { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً } قال: لا إله إلا الله «كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ» قال: المؤمن «أَصْلُهَا ثَابِتٌ» لا إله إلا الله ثابتة في قلب المؤمن { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ } قال: الشرك، «كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ» قال: المشرك { ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } أي ليس للمشرك أصل يعمل عليه. وقيل: يرجع المَثَل إلى الدعاء إلى الإيمان، والدعاء إلى الشرك لأن الكلمة يفهم منها القول والدعاء إلى الشيء.