الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ }

قوله تعالى: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ } اللام لام قسم أي والله لنخرجنكم. { أَوْ لَتَعُودُنَّ } أي حتى تعودوا أو إلا أن تعودوا قاله الطبريّ وغيره. قال ابن العربي: وهو غير مفتقر إلى هذا التقدير فإنّ «أوْ» على بابها من التخيير خيّر الكفار الرسل بين أن يعودوا في مِلتهم أو يخرجوهم من أرضهم وهذه سِيرة الله تعالى في رسله وعباده ألا ترى إلى قوله: { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاًسُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا } [الإسراء: 76] وقد تقدم هذا المعنى في «الأعراف» وغيرها. { فِي مِلَّتِنَا } أي إلى ديننا، { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ }. قوله تعالى: { ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ } أي مقامه بين يديّ يوم القيامة فأضيف المصدر إلى الفاعل. والمقام مصدر كالقيام يقال: قام قياماً ومَقَاماً وأضاف ذلك إليه لاختصاصه به. والمقام بفتح الميم مكان الإقامة، وبالضم فعل الإقامة و«ذَلِكَ لَمَنْ خَافَ مَقَامي» أي قيامي عليه، ومراقبتي له قال الله تعالى:أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [الرعد: 33]. وقال الأخفش: { ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي } أي عذابي، «وَخَافَ وَعِيدِ» أي القرآن وزواجره. وقيل: إنه العذاب. والوعيد الاسم من الوعد.