الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ لِّتَتْلُوَاْ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ }

قوله تعالى: { كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِيۤ أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ } أي أرسلناك كما أرسلنا الأنبياء من قبلك قاله الحسن. وقيل: شبّه الإنعام على من أُرسل إليه محمد عليه السلام بالإنعام على من أرسل إليه الأنبياء قبله. { لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ ٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } يعني القرآن. { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } قال مقاتل وٱبن جُريج: نزلت في صُلح الحُدَيْبِيَة حين أرادوا أن يكتبوا كتاب الصُّلْح، " فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ: «ٱكتب بسم الله الرحمن الرحيم» فقال سُهَيْل بن عمرو والمشركون: ما نعرف الرحمٰن إلا صاحب اليمامة، يعنون مُسَيْلِمَة الكذاب ٱكتب باسمك اللهم، وهكذا كان أهل الجاهلية يكتبون فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ: «ٱكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله» فقال مشركو قريش: لئن كنت رسول الله ثم قاتلناك وصددناك لقد ظلمناك ولكن ٱكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: دعنا نقاتلهم فقال: «لا ولكن ٱكتب ما يريدون» فنزلت " وقال ٱبن عباس: نزلت في كفار قريش حين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «ٱسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ» قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ؟ فنزلت. { قُلْ } لهم يا محمد: الذي أنكرتم. { هُوَ رَبِّي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } ولا معبود سواه هو واحد بذاته، وإن اختلفت أسماء صفاته. { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } وٱعتمدت ووثقت. { وَإِلَيْهِ مَتَابِ } أي مرجعي غداً، واليوم أيضاً عليه توكلت ووثقت، رِضاً بقضائه، وتسليماً لأمره. وقيل: سمع أبو جهل رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في الحِجْر ويقول: «يا الله يا رحمن» فقال: كان محمد ينهانا عن عبادة الآلهة وهو يدعو إلهين فنزلت هذه الآية، ونزل: «قُلِ ٱدْعُوا اللَّهَ أَوِ ٱدْعُوا الرَّحْمَنَ».