قوله تعالى: { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } «أَشُدَّهُ» عند سيبويه جمع، واحده شِدّة. وقال الكسائي: واحده شَدٌّ كما قال الشاعر:
عَهْدِي به شَدَّ النَّهارِ كأنَّمَا
خُضِبَ اللَّبانُ ورأسُه بالعِظْلِمِ
وزعم أبو عبيد أنه لا واحد له من لفظه عند العرب ومعناه ٱستكمال القوّة ثم يكون النقصان بعد. وقال مجاهد وقَتادة: الأَشُدّ ثلاث وثلاثون سنة. وقال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك بن أنس: الأَشُدّ بلوغ الحُلُم وقد مضى ما للعلماء في هذا في «النساء» و «الأنعام» مستوفى. { آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً } قيل: جعلناه المستولي على الحُكْم، فكان يحكم في سلطان الملك أي وآتيناه عِلماً بالحُكْم. وقال مجاهد: العقل والفهم والنبوة. وقيل: الحُكْم النبوّة، والعِلم عِلم الدين وقيل: علم الرؤيا ومن قال: أوتي النبوّة صبِياً قال: لما بلغ أشدّه زدناه فهماً وعلماً. { وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني المؤمنين. وقيل: الصابرين على النوائب كما صبر يوسف قاله الضحاك. وقال الطبريّ: هذا وإن كان مخرجه ظاهراً على كل محسِن فالمراد به محمد صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: كما فعلت هذا بيوسف بعد أن قاسى ما قاسى ثم أعطيته ما أعطيته، كذلك أنجيك من مشركي قومك الذين يقصدونك بالعداوة، وأمكّن لك في الأرض.