الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ }

أي ما دَفعَ عنه عذاب الله ما جمع من المال، ولا ما كسب من جاه. وقال مجاهد: من الولد ووَلد الرجل من كَسْبه. وقرأ الأعمش «وَمَا اكْتَسَبَ» ورواه عن ابن مسعود. وقال أبو الطُّفَيل: جاء بنو أبي لهب يختصمون عند ابن عباس، فاقتتلوا، فقام ليحْجُزَ بينهم، فدفعه بعضهم، فوقع على الفِراش، فغضب ابن عباس وقال: أَخرجوا عني الكسبَ الخبيثَ يعني ولده. وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولدي من كسبه " خرّجه أبو داود. وقال ابن عباس: لما أنذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيرته بالنار، قال أبو لهب: إن كان ما يقول ابن أخي حقاً فإني أفدي نفسي بمالي وولدي فنزل: { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ }. و«ما» في قوله: { مَآ أَغْنَىٰ }: يجوز أن تكون نفياً، ويجوز أن تكون استفهاماً أي أيّ شيء أغنى عنه؟ و«ما» الثانية: يجوز أن تكون بمعنى الذي، ويجوز أن تكون مع الفعل مصدراً أي ما أغنى عنه ماله وكسبه.