الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ }

قوله تعالى: { وَٱصْبِرْ } أي على الصلاة كقوله:وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا } [طه: 132]. وقيل: المعنى وٱصبر يا محمد على ما تلقى من الأذى. { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } يعني المصلين. قوله تعالى: { فَلَوْلاَ كَانَ } أي فهلاّ كان. { مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ } أي من الأمم التي قبلكم. { أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ } أي أصحاب طاعة ودين وعقل وبصر. { يَنْهَوْنَ } قومهم. { عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ } لِما أعطاهم الله تعالى من العقول وأراهم من الآيات وهذا توبيخ للكفار. وقيل: لولا هاهنا للنفي أي ما كان من قبلكم كقوله:فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ } [يونس: 98] أي ما كانت. { إِلاَّ قَلِيلاً } استثناء منقطع أي لكن قليلاً. { مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ } نهوا عن الفساد في الأرض. قيل: هم قوم يونس لقوله: «إِلاَّ قَوْمُ يُونُسَ». وقيل: هم أتباع الأنبياء وأهل الحق. { وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي أَشْرَكُوا وَعَصَوا. { مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ } أي من الاشتغال بالمال واللذات، وإيثار ذلك على الآخرة. { وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ }.