فيه أربع مسائل: الأولى: قوله تعالى: { وَلاَ تَرْكَنُوۤاْ } الركون حقيقة الاستناد والاعتماد والسكون إلى الشيء والرضا به، قال قتادة: معناه لا تودّوهم ولا تطيعوهم. ابن جريج: لا تميلوا إليهم. أبو العالية: لا ترضوا أعمالهم وكله متقارب. وقال ابن زيد: الركون هنا الإدْهَان وذلك ألا ينكر عليهم كفرهم. الثانية: قرأ الجمهور: «تَرْكَنُوا» بفتح الكاف قال أبو عمرو: هي لغة أهل الحجاز. وقرأ طلحة بن مُصرِّف وقتادة وغيرهما: «تركُنوا» بضم الكاف قال الفراء: وهي لغة تميم وقيس. وجوز قوم ركَن يركَن مثل منَعَ يَمنَع. الثالثة: قوله تعالى: { إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } قيل: أهل الشرك. وقيل: عامة فيهم وفي العصاة، على نحو قوله تعالى:{ وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ آيَاتِنَا } [الأنعام: 68] الآية. وقد تقدّم. وهذا هو الصحيح في معنى الآية وأنها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم فإن صحبتهم كفر أو معصية إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودّة وقد قال حكيم:
عن المرء لا تَسأَل وسَلْ عن قَرينه
فكلُّ قرينٍ بالمُقَارن يَقْتَدِي
فإن كانت الصحبة عن ضرورة وتَقيّة فقد مضى القول فيها في «آل عمران» و«المائدة». وصحبة الظالم على التقية مستثناة من النهي بحال الاضطرار. والله أعلم. الرابعة: قوله تعالى: { فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ } أي تحرقكم. بمخالطتهم ومصاحبتهم وممالأتهم على إعراضهم وموافقتهم في أمورهم.