الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ }

يقال: نهره وانتهره إذا استقبله بكلام يزجره، وفي المراد من السائل قولان: أحدهما: وهو اختيار الحسن أن المراد منه من يسأل العلم ونظيره من وجه:عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَاءهُ ٱلأًعْمَىٰ } [عبس: 1، 2] وحينئذ يحصل الترتيب، لأنه تعالى قال له أولاً:أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ * وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَىٰ * وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَىٰ } [الضحى: 6- 8] ثم اعتبر هذا الترتيب، فأوصاه برعاية حق اليتيم، ثم برعاية حق من يسأله عن العلم والهداية، ثم أوصاه بشكر نعم الله عليه والقول الثاني: أن المراد مطلق السائل ولقد عاتب الله رسوله في القرآن في شأن الفقراء في ثلاثة مواضع أحدها: أنه كان جالساً وحوله صناديد قريش، إذ جاء ابن أم مكتوم الضرير، فتخطى رقاب الناس حتى جلس بين يديه، وقال: علمني مما علمك الله، فشق ذلك عليه فعبس وجهه فنزلعَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } [عبس: 1]، والثاني: حين قالت له قريش: لو جعلت لنا مجلساً وللفقراء مجلساً آخر فهم أن يفعل ذلك فنزل قوله:وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم } [الكهف: 28] والثالث: كان جالساً فجاءه عثمان بعذق من ثمر فوضعه بين يديه فأراد أن يأكل فوقف سائل بالباب، فقال: رحم الله عبداً يرحمنا، فأمر بدفعه إلى السائل فكره عثمان ذلك، وأراد أن يأكله النبي عليه السلام فخرج واشتراه من السائل، ثم رجع السائل ففعل ذلك ثلاث مرات، وكان يعطيه النبي عليه السلام إلى أن قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " أسائل أنت أم بائع؟ " فنزل: { وَأَمَّا ٱلسَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ }.