الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰؤُلاۤءِ دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

وفيه مسائل: المسألة الأولى: إنما لم تدخل الواو في قوله: { إِذْ يَقُولُ } ودخلت في قوله:وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ } [الأنفال: 48] لأن قوله: { وَإِذْ زَيَّنَ } عطف على هذا التزيين على حالهم وخروجهم بطراً ورئاء، وأما هنا وهو قوله: { إِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ } فليس فيه عطف لهذا الكلام على ما قبله بل هو كلام مبتدأ منقطع عما قبله، وعامل الإعراب في { إِذْ } فيه وجهان: الأول: التقدير والله شديد العقاب إذ يقول المنافقون والثاني: اذكروا إذ يقول المنافقون. المسألة الثانية: أما المنافقون فهم قوم من الأوس والخزرج، وأما الذين في قلوبهم مرض فهم قوم من قريش أسلموا وما قوي إسلامهم في قلوبهم ولم يهاجروا. ثم إن قريشاً لما خرجوا لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أولئك نخرج مع قومنا فإن كان محمد في كثرة خرجنا إليه، وإن كان في قلة أقمنا في قومنا. قال محمد بن إسحق: ثم قتل هؤلاء جميعاً مع المشركين يوم بدر. وقوله: { غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ } قال ابن عباس: معناه أنه خرج بثلثمائة وثلاثة عشر يقاتلون ألف رجل، وما ذاك إلا أنهم اعتمدوا على دينهم. وقيل المراد: إن هؤلاء يسعون في قتل أنفسهم، رجاء أن يجعلوا أحياء بعد الموت ويثابون على هذا القتل. ثم قال تعالى: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } أي ومن يسلم أمره إلى الله ويثق بفضله ويعول على إحسان الله، فإن الله حافظه وناصره، لأنه عزيز لا يغلبه شيء، حكيم يوصل العذاب إلى أعدائه، والرحمة والثواب إلى أوليائه: