الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ } * { تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ } * { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } * { أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ } * { يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي ٱلْحَافِرَةِ } * { أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً }

فيه مسائل: المسألة الأولى: جواب القسم المتقدم محذوف أو مذكور فيه وجهان الأول: أنه محذوف، ثم على هذا الوجه في الآية احتمالات: الأول: قال الفراء التقدير: لتبعثن، والدليل عليه ما حكى الله تعالى عنهم، أنهم قالوا:أَءذَا كُنَّا عِظَـٰماً نَّخِرَةً } [النازعات: 11] أي أنبعث إذا صرنا عظاماً نخرة الثاني: قال الأخفش والزجاج: لننفخن في الصور نفختين ودل على هذا المحذوف ذكر الراجفة والرادفة وهما النفختان الثالث: قال الكسائي: الجواب المضمر هو أن القيامة واقعة وذلك لأنه سبحانه وتعالى قال:وَٱلذرِيَـٰتِ ذَرْواً } [الذاريات: 1] ثم قال:إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَـٰدِقٌ } [الذاريات: 5] وقال:وَٱلْمُرْسَلَـٰتِ عُرْفاً * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوٰقِعٌ } [المرسلات: 7،1] فكذلك ههنا فإن القرآن كالسورة الواحدة القول الثاني: أن الجواب مذكور وعلى هذا القول احتمالات الأول: المقسم عليه هو قوله: { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَـٰرُهَا خَـٰشِعَةٌ } والتقدير والنازعات غرقاً أن يوم ترجف الراجفة تحصل قلوب واجفة وأبصارها خاشعة الثاني: جواب القسم هو قوله:هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } [النازعات: 15] فإن هل ههنا بمعنى قد، كما في قوله:هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَـٰشِيَةِ } [الغاشية: 1] أي قد أتاك حديث الغاشية الثالث: جواب القسم هو قوله:إِنَّ فِى ذَلِكَ لَعِبْرَةً لّمَن يَخْشَىٰ } [النازعات: 26]. المسألة الثانية: ذكروا في ناصب يوم بوجهين أحدهما: أنه منصوب بالجواب المضمر والتقدير لتبعثن يوم ترجف الراجفة، فإن قيل كيف يصح هذا مع أنهم لا يبعثون عند النفخة الأولى والراجفة هي النفخة الأولى؟ قلنا المعنى لتبعثن في الوقت الواسع الذي يحصل فيه النفختان، ولا شك أنهم يبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع وهو وقت النفخة الأخرى، ويدل على ما قلناه أن قوله: { تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ } جعل حالاً عن الراجفة والثاني: أن ينصب يوم ترجف بما دل عليه: { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } أي يوم ترجف وجفت القلوب. المسألة الثالثة: الرجفة في اللغة تحتمل وجهين أحدهما: الحركة لقوله:يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ } [المزمل: 14]. الثاني: الهدة المنكرة والصوت الهائل من قولهم: رجف الرعد يرجف رجفاً ورجيفاً، وذلك تردد أصواته المنكرة وهدهدته في السحاب، ومنه قوله تعالى:فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } [الأعراف: 91] فعلى هذا الوجه الراجفة صيحة عظيمة فيها هول وشدة كالرعد، وأما الرادفة فكل شيء جاء بعد شيء آخر يقال ردفه، أي جاء بعده، وأما القلوب الواجفة فهي المضطربة الخائفة، يقال: وجف قلبه يجف وجافاً إذا اضطرب، ومنه إيجاف الدابة، وحملها على السير الشديد، وللمفسرين عبارات كثيرة في تفسير الواجفة ومعناها واحد، قالوا: خائفة وجلة زائدة عن أماكنها قلقة مستوفزة مرتكضة شديدة الاضطراب غير ساكنة، أبصار أهلها خاشعة، وهو كقوله:خَـٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيّ } [الشورى: 45] إذا عرفت هذا فنقول، اتفق جمهور المفسرين على أن هذه الأمور أحوال يوم القيامة، وزعم أبو مسلم الأصفهاني أنه ليس كذلك ونحن نذكر تفاسير المفسرين ثم نشرح قول أبي مسلم.

السابقالتالي
2 3 4 5