الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً }

قال القفال: أصل اللباس هو الشيء الذي يلبسه الإنسان ويتغطى به، فيكون ذلك مغطياً له، فلما كان الليل يغشى الناس بظلمته فيغطيهم جعل لباساً لهم، وهذا السبت سمي الليل لباساً على وجه المجاز، والمراد كون الليل ساتراً لهم. وأما وجه النعمة في ذلك، فهو أن ظلمة الليل تستر الإنسان عن العيون إذا أراد هرباً من عدو، أو بياتاً له، أو إخفاء مالا يحب الإنسان إطلاع غيره عليه، قال المتنبي:
وكم لظلام الليل عندي من يد   تخبر أن المانوية تكذب
وأيضاً فكما أن الإنسان بسبب اللباس يزداد جماله وتتكامل قوته ويندفع عنه أذى الحر والبرد، فكذا لباس الليل بسبب ما يحصل فيه من النوم يزيد في جمال الإنسان، وفي طراوة أعضائه وفي تكامل قواه الحسية والحركية، ويندفع عنه أذى التعب الجسماني، وأذى الأفكار الموحشة النفسانية، فإن المريض إذا نام بالليل وجد الخفة العظيمة. وسادسها قوله تعالى: