الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }

اعلم أنه تعالى لما علم رسوله أنواع دلائل التوحيد، والرد على القائلين بالشركاء والأنداد والأضداد وبالغ في تقرير إثبات التوحيد، والرد على القائلين بالشركاء والأنداد والأضداد، وبالغ في تقرير إثبات التوحيد والنافين للقضاء والقدر، ورد على أهل الجاهلية في أباطيلهم، أمره أن يختم الكلام بقوله: { إِنَّنِى هَدَانِى رَبّى إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وذلك يدل على أن الهداية لا تحصل إلا بالله وانتصب ديناً لوجهين: أحدهما: على البدل من محل صراط لأن معناه هداني ربي صراطاً مستقيماً كما قال:وَيَهْدِيَكَ صِرٰطاً مُّسْتَقِيماً } [الفتح: 2] والثاني: أن يكون التقدير الزموا ديناً، وقوله: فيما قال صاحب «الكشاف» القيم فيعل من قام كسيد من ساد وهو أبلغ من القائم، وقرأ أهل الكوفة قيماً مكسورة القاف خفيفة الياء قال الزجاج: هو مصدر بمعنى القيام كالصغر والكبر والحول والشبع، والتأويل ديناً ذا قيم ووصف الدين بهذا الوصف على سبيل المبالغة، وقوله: { مِلَّةَ إِبْرٰهِيمَ حَنِيفاً } فقوله: { مِلَّةَ } بدل من قوله: { دِينًا قِيَمًا } و { حنيفاً } منصوب على الحال من إبراهيم، والمعنى هداني ربي وعرفني ملة إبراهيم حال كونها موصوفة بالحنيفية، ثم قال في صفة إبراهيم: { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } والمقصود منه الرد على المشركين.