الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَٰمٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا ٱفْتِرَآءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }

اعلم أن هذا نوع ثالث من أحكامهم الفاسدة، وهي أنهم قسموا أنعامهم أقساماً: فأولها: إن قالوا: { هَـٰذِهِ أَنْعَـٰمٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } فقوله: { حجر } فعل بمعنى مفعول، كالذبح والطحن، ويستوي في الوصف به المذكر والمؤنث والواحد والجمع، لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات، وأصل الحجر المنع، وسمى العقل حجراً لمنعه عن القبائح، وفلان في حجر القاضي: أي في منعه، وقرأ الحسن وقتادة { حجر } بضم الحاء وعن ابن عباس { حَرَجٌ } وهو من الضيق، وكانوا إذا عينوا شيئاً من حرثهم وأنعامهم لآلهتهم قالوا: { لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نَّشَاء } يعنون خدم الأوثان، والرجال دون النساء. والقسم الثاني: من أنعامهم الذي قالوا فيه: { وَأَنْعَـٰمٌ حُرّمَتْ ظُهُورُهَا } وهي البحائر والسوائب والحوامي، وقد مر تفسيره في سورة المائدة. والقسم الثالث: { أَنْعَـٰمٌ لاَّ يَذْكُرُونَ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا } في الذبح، وإنما يذكرون عليها أسماء الأصنام، وقيل لا يحجون عليها ولا يلبون على ظهورها. ثم قال: { ٱفْتِرَاء عَلَيْهِ } فانتصابه على أنه مفعول له أو حال أو مصدر مؤكد، لأن قولهم ذلك في معنى الافتراء. ثم قال تعالى: { سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } والمقصود منه الوعيد.