الرئيسية - التفاسير


* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ }

وفيه تبرئة لوط عليه السلام وبيان أنه أتى بما عليه فإنه تعالى لما رتب التعذيب على التكذيب وكان من الرحمة أن يؤخره ويقدم عليه الإنذارات البالغة بين ذلك فقال: أهلكناهم وكان قد أنذرهم من قبل، وفي قوله: { بَطْشَتَنَا } وجهان أحدهما: المراد البطشة التي وقعت وكان يخوفهم بها، ويدل عليه قوله تعالى:إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَـٰصِباً } [القمر: 34] فكأنه قال: إنا أرسلنا عليهم ما سبق، ذكرها للإندار بها والتخويف وثانيهما: المراد بها ما في الآخرة كما في قوله تعالى:يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } [الدخان: 16] وذلك لأن الرسل كلهم كانوا ينذرون قومهم بعذاب الآخرة كما قال تعالى:فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } [الليل: 14] وقال:وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ } [غافر: 18] وقال تعالى:إِنَّا أَنذَرْنَـٰكُمْ عَذَاباً قَرِيباً } [النبأ: 40] إلى غير ذلك، وعلى ذلك ففيه لطيفة وهي أن الله تعالى قال:إِنَّ بَطْشَ رَبّكَ لَشَدِيدٌ } [البروج: 12] وقال ههنا: { بَطْشَتَنَا } ولم يقل: بطشنا وذلك لأن قوله تعالى: { إِنَّ بَطْشَ رَبّكَ لَشَدِيدٌ } بيان لجنس بطشه، فإذا كان جنسه شديداً فكيف الكبرى منه، وأما لوط عليه السلام فذكر لهم البطشة الكبرى لئلا يكون مقصراً في التبليغ، وقوله تعالى: { فَتَمَارَوْاْ بِٱلنُّذُرِ } يدل على أن النذر هي الإنذارات.